سورة الشعراء - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشعراء)


        


{فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16)}
{فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبّ العالمين} لترتيب ما بعدها على ما قبلها من الوعد الكريم، وليس هذا مجرد تأكيد للأمر بالذهاب لأن معناه الوصول إلى المأتي لا مجرد التوجه إلى المأتي كالذهاب.
وأفرد الرسول هنا لأنه مصدر بحسب الأصل وصف به كما يوصف بغيره من المصادر للمبالغة كرجل عدل فيجري فيه كما يجري فيه من الأوجه، ولا يخفى الأوجه منها، وعلى المصدرية ظاهر قول كثير عزة:
لقد كذب الواشون ما فهت عندهم *** بسر ولا أرسلتهم برسول
وأظهر منه قول العباس بن مرداس:
إلا من مبلغ عنى خفافا *** رسولًا بيت أهلك منتهاها
أو لاتحادهما للأخزة أو لوحدة المرسل أو المرسل به أو لأن قوله تعالى: {أَنَاْ} عنى إن كلامنا فصح إفراد الخبر كما يصح في ذلك، وفائدته الإشارة إلى أن كلًا منهما مأمور بتبليغ ذلك ولو منفردًا، وفي التعبير برب العالمين رد على اللعين ونقض لما كان أبرمه من ادعاء الألوهية وحمل لطيف له على امتثال الأمر، و{ءانٍ} في قوله تعالى:


{أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (17)}
{أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إسراءيل} مفسرة لتضمن الإرسال المفهوم من الرسول معنى القول، وجوز أبو حيان كونها مصدرية على معنى أنا رسوله عز وجل بالأمر بالإرسال وهو عنى الإطلاق والتسريح كما في قولك: أرسلت الحجر من يدي وأرسل الصقر، والمراد خلهم يذهبوا معنا إلى فلسطين وكانت مسكنهما عليهما السلام، وكان بنو إسرائيل قد استعبدوا أربعمائة سنة وكانت عدتهم حين أرسل موسى عليه السلام ستمائة وثلاثين ألفًا على ما ذكره البغوي.


{قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18)}
{قَالَ} أي فرعون لموسى عليه السلام بعد ما أتياه وقالا له ما أمرا به، ويروى أنهما انطلقا إلى باب فرعون فلم يؤذن لهما سنة حتى قال البواب: إن هاهنا إنسانًا يزعم أنه رسول رب العالمين فقال: ائذن له لعلنا نضحك منه فأذن له فدخلا فاديًا إليه الرسالة فعرف موسى عليه السلام فقال عند ذلك: {أَلَمْ نُرَبّكَ فِينَا وَلِيدًا} وفي خبر آخر أنهما أتيا ليلًا فقرع الباب ففزع فرعون وقال: من هذا الذي يضرب بابي هذه الساعة؟ فأشرف عليهما البواب فكلمهما فقال له موسى: إنا رسول رب العالمين فأتى فرعون وقال: إن هاهنا إنسانًا مجنونًا يزعم أنه رسول رب العالمين فقال: أدخله فدخل فقال ما قص الله تعالى، وأراد اللعين من قوله: {أَلَمْ نُرَبّكَ} إلخ الامتنان، و{فِينَا} على تقدير المضاف أي منازلنا، والوليد فعيل عنى مفعول يقال لمن قرب عهده بالولادة، وإن كان على ما قال الراغب: يصح في الأصل لمن قرب عهده أو بعد كما يقال لما قرب عهده بالاجتناء جنى فإذا كبر سقط عنه هذا الاسم، وقال بعضهم: كان دلالته على قرب العهد من صيغة المبالغة، وكون الولادة لا تفاوت فيها نفسها {وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} قيل: لبث فيهم ثلاثين سنة ثم خرج إلى مدين وأقام به عشر سنين ثم عاد إليهم يدعوهم إلى الله تعالى ثلاثين سنة ثم بقي بعد الغرق خمسين، وقيل: لبث فيهم اثنتي عشرة سنة ففر بعد أن وكز القبطي إلى مدين فأقام به عشر سنين يرعى غنم شعيب عليه السلام ثم ثماني عشرة سنة بعد بنائه على امرأته بنت شعيب فكمل له أربعون سنة فبعثه الله تعالى وعاد إليهم يدعوهم إليه عز وجل والله تعالى أعلم.
وقرأ أبو عمرو في رواية {مِنْ عُمُرِكَ} بإسكان الميم، والجار والمجرور في موضع الحال من {سِنِينَ} كما هو المعروف في نعت النكرة إذا قدم.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9